للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (١).

وكيف نطلب النصر من غير الله؟ والله يقول: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (٢).

وكيف نزكي أنفسنا؟ والله يقول: {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (٣).

عباد الله: لا بدَّ قبل أن ننتصر على الأعداء أن ننتصر على أنفسنا، والانتصار على النفس بحملها على طاعة الله، والبعد بها عن ما حرم الله. وهذه مرتبة من الجهاد تُبتلى بها النفوس وتمتحن بها الهمم، وقد يضعف فيها كثيرٌ من الناس، وتراهم ينشغلون بالعدو الخارجي أكثر من انشغالهم بالعدو الداخلي، وذلك لتسلية أنفسهم وتبرير أخطائهم، وكان من وصية أسلافنا لقادة الجهاد أن ذنوب الجيش أشد عليهم من أعدائهم. إن تربية النفوس على الانتصار لشرع الله ودينه، ومجاهدة النفس على التعلق بمعالي الأمور، وترك السفاسف والفواحش هو طريق وسبب لنصر الله، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (٤).

يا أخا الإيمان: إن هذه المعاني التي نحتاجها في كل حين، لا سيما في وقت الشدائد؛ من الإيمان واليقين والتسليم وصدق الولاء والصبر والتضرع لله وحسن المجاهدة، وتهذيب النفوس وتصفيتها من الشوائب، وتجريد الاستعانة والعبودية لله، والنظر في الأخطاء وإصلاحِ العيوب، والعمل بجدًّ لتجاوز النفق المظلم بروية


(١) سورة التوبة: الآية ١٦.
(٢) سورة آل عمران: الآية ١٢٦.
(٣) سورة النجم: الآية ٣٢.
(٤) سورة محمد: الآية ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>