للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها وغياب الصوت القوي الفاضح لخُبثهم فرصةً لترويج باطلهم، وفي ظل هذه الظروف الحرجة كذلك يجدون من يسمع لهم ويتأثر بهم، إذ في فترات ضعف المسلمين يروجُ الفساد ويتنمّر المبطلون وتضعفُ مناعةُ رفض الفساد، إلا من رحم الله وعصم وثبت وقاوم، وميّز بين دعاة الحق ودعاة الباطل.

إخوة الإيمان: وحين نعي المطلوب منا في أوقات الشدائد، وعَلِمْنا نماذج من الكروب التي مرت بأسلافنا، وكيف تجاوزوها، ووقفنا على نماذج من مواقف أهل العلم واليقين في تسلية المسلمين وشدِّ أزرهم، ويقابلهم أهلُ الإرجافِ والريب ومن في قلوبهم مرض.

بقي أن نقف على شيء من دروس أزمنة الشدائد، ولن نستفيد من الشدائد والنوازل الواقعة حتى نأخذ العبرة لحاضرنا ومستقبلنا.

إن من أبرز الدروس أن فترات الضعف والكروب هذه يتميز فيها الصادقون من الكاذبين كما قال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (١).

وفي الشدائد يتميز الخبيث من الطيب {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (٢).

أجل، إن الانتساب للإسلام سهلٌ في أوقاتِ الرخاء .. لكنه ليس كذلك في أوقات الضراء .. وكثيرون هم الذين يعدُّون أنفسهم مع المسلمين الملتزمين في حال المغانم، ولكنهم قلةٌ حين تكون المغارم.


(١) سورة العنكبوت: ٣.
(٢) سورة آل عمران: الآية ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>