للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل يحقق المسلمُ عبوديته لله في كل حال؟ أم تراه يجزعُ إن مسه الشرُّ ويهلعُ إن مسه الخير؟ وما تلك سماتُ المؤمنين المصدقين.

إخوة الإيمان! يا من أفاء اللهُ عليهم بنعمة الأمن والإيمان ارعوا ما أنتم فيه من نعمة، قيدوها بالشكر، وخذوا على أيدي السفهاء، وأطروهم على الحقِّ أطرًا، ولا ينِسكم ما أنتم فيه من نعمة ما يعيشه بعضُ إخوانكم المسلمين من بلاءٍ ومحنة، فالمؤمنون إخوة، والمسلم للمسلم كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا، وتذكروا أنه ما يمسُّ أحدًا من المسلمين من بلاءٍ وشدة إنما هو بلاءٌ وشدةٌ على المسلمين كلهم، وما يحقّقه الله من نصرٍ لأحدٍ من المسلمين فإنما هو نصرٌ للمسلمين كلِّهم، فالأعداء جميعًا إنما يقاتلون المسلمين من أجل هذا الدين، وصدق الله: {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} (١).

ومن الذلة والهوان أن يتخلف المسلمون عن نصرة إخوانهم المسلمين على حين يتنادى الكافرون من كل حدب للدفاع عن أبناء ملتهم، بل ولأهل الكفار جميعًا وإن اختلفت دياناتُهم، أما المسلمون المستضعفون فيظلون يستصرخون، وربما بُحت حناجرُهم أو انقطعت أنفاسهم، بل أزهقت أرواحهم وطردوا من بلادهم واستبيحت نساؤهم، ولم تحرك صيحاتُ النساء الأيامى وأنّات الأطفال اليتامى، وبرك الدماء، وتناثر الجثث والقتلى، كل ذلك لا يحرك ساكنًا في المسلمين، ويظل الصمتُ الرهيب يخيم عليهم حتى بلغت القلوب -من المسلمين - الحناجر وزلزلوا زلزالًا شديدًا، وها هم مسلمو الشيشان يوجهون النداء لأمة المليار مسلم ويقولون: لقد حمي الوطيس وبلغت القلوب الحناجر، واشتد الأمر، وتكالب


(١) سورة الممتحنة: الآية ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>