يا ابن الإسلام: هل تظن بربك -حين يبتليك - الظلم؟ ! وبعدله قامت السماوات، وهل يَرد بخاطرك -حين يقدر عليك رزقك - البخلُ؟ ! وهو الجوادُ الكريم. اسمع ما قاله العارفون في حكم البلايا:
قال ابن القيم رحمه الله:
من تمام رحمة أرحم الراحمين تسليطُ أنواعِ البلاءِ على العبد، فإنه أعلمُ بمصلحته، فابتلاؤه له وامتحانُه ومنعُه من كثير من أغراضه وشهواتهِ من رحمتهِ به، ولكن العبد لجهله وظلمه يتَّهم ربَّه بابتلائه، ولا يعلم إحسانَه إليه بابتلائه وامتحانه، فهذا من تمام رحمته به، لا من بخله عليه، كيف؟ وهو الجوادُ الماجد الذي له الجودُ كلُّه، وجودُ جميع الخلائق في جنب جودِه أقلُّ من ذرَّة في جبال الدنيا ورمالها، ومن رحمته سبحانه بعباده أنْ نغّص عليهم الدنيا لئلا يسكنوا إليها ولا يطمئنوا إليها، ويرغبوا في النَّعيم المقيم في داره وجواره، فساقهم إلى ذلك بسياط الابتلاء والامتحان، فمنعهم ليعطيهم، وابتلاهم ليعافيهم، وأماتهم ليحييهم (١).
أيها المسلمون: وما يزال البلاءُ بالمسلم أو المسلمة حتى يدعه يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة. وإذا كان الموتُ من المصائب وداعيًا للحزن والألم، فالعين به تدمع، والقلبُ يحزن، والرحمات تنهمر لها العبرات .. فقد يكونُ في الموت راحةٌ للميت، وقد يبدأ من الموت أنسُ الميت وراحته وسعادته، فمن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءَه، والمؤمن بالموت ينتقل من ضيق الدنيا وكدرها إلى سعةِ الآخرة وحبورها، وكم يغبط الناس عظماء الرجال لموتهم حين يموتون معظمين لكتاب الله مستمسكين بسنّته، داعين الناس للخير ومحذرين من الشر، ينشرون العلم النافع، ويدعون الخلق للعمل الصالح، أولئك نجوم تفتقدهم الأمة، ويحزن