للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الاتباع المذموم اتباعُ الهوى، قال تعالى محذرًا: {فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا} (١).

وقد يصلُ بالمرء إلى أن يتخذ الهوى إلهًا من دون الله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} (٢).

وكم يُعمي الهوى ويُصمُّ، ويُضلُّ صاحبه في العبادات والمعاملات، وفيما بينه وبين ربِّه، أو بينه وبين خلقه، والعدلُ مطلوب، والإنصافُ للنفس وللآخرين منهج مشروع، ولكنه يحتاج إلى تقوى وصدقٍ وعزيمة.

ومن الاتباع المذموم اتباعُ الشهوات والمغريات دون النظر في عواقبها، وترك النفس ترتع فيها كما ترتع البهائم في مرعىً قد يكون فيه حتفُها، بل يوجد في بعض نباته موادُّ سامةٌ مهلكةٌ لها.

أجل، كم انحرف من البشر بسبب اتباع الشهوات المحرمة، فالنفسُ مولعةٌ بحب العاجل، وفي فِطر الناس حبٌ وميلٌ للشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث .. ونحوها.

ولكن فيما أحلَّ الله غنية عن ما حرم، وفي الطيبات كفايةٌ عن الخبائث، وليست هذه الدنيا نهاية المطاف حتى يَعُبَّ المسلم من الشهوات ما شاء، ونصيبُ المؤمنين من هذه الملاذ في الآخرة يفوق أضعافًا مضاعفة، ما يحصل عليه أهلُ الشهوات في الدنيا: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٣).


(١) سورة النساء: الآية ١٣٥.
(٢) سورة الجاثية: الآية ٢٣.
(٣) سورة السجدة: الآية ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>