الرجولة غير الذكورية، فليس كلُّ ذكر رجلًا، فثمة ذكورٌ في عالمِ الحيوان والطير والدواب، بل وفي عالم الإنس والجن ذكورٌ تقعد بهم همم الضعيفة، وصفاتهم الذميمة عن بلوغ معنى الرجولة الحقة.
إذن فالرجولة الحقَّة مصطلح يحمل معاني كريمة، وصفاتٍ حسنةً من الصدقِ والإخلاصِ والشهامة والشجاعة والكرم والنجدة، والبرِّ والإحسان، والصبر والعفة، والدعوة للخير، والنصح للخلق، والوفاء بالعهود، وأداء الحقوق ونحوها من كريم الأخلاق وجليل المواقف.
والرجولة بشكل عام وعاءٌ يحتوي عددًا من الأخلاق والشيم الفطرية والمكتسبة، تدور رحاها حول العبودية للخالق ونَفْعِ الخلق، وتنأى بصاحِبها عن سفاسف الأمور ومواطن الريب.
وليس من الرجولة الحقَّةِ الغدرُ والخيانة، والكذبُ والجبنُ والبخل، وفحش القول والعمل، وفساد الظاهر أو الباطن، وما يندرج في النفاق العملي أو الاعتقادي، أو غير ذلك من صفاتٍ مستقبحة، وعوائد سيئة ومواقف يُستحى من ذكرها.
أيها المسلمون: ومن تأمل في كتاب الله، وجد تأكيدًا على الرجولة وإشادة برجال ذوي صفات ومواقف جليلة، خلّد القرآنُ ذكرهم وترك صفاتهم محلًا للعبرة والذكرى، ودونكم شيئًا من نماذج هؤلاء الرجال ومواقفهم.
النموذج الأول: وبه تتجلى شجاعة الرجال، وتقويةُ العزائم، والتهوين من شأن الأعداء، وإن كانوا ظلمةٌ جبارين، إذا توفر الإيمانُ والتوكل على رب العالمين، ويمثل هذا الموقف «الرجلان» في قوله تعالى: {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ