للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (١).

والقرآن -في هذا النموذج - يقص علينا خبر موسى عليه السلام مع بني إسرائيل حين حرضهم على الجهاد لتحرير بيت المقدس من العمالقة الجبارين، فاعتذر بنو إسرائيل لموسى عليه السلام من الدخول على هؤلاء القوم الأشداء الجبارين، وإن كان وعدهم بالنصر والظفر، فالأرض المقدسة كُتبت لهم، والتنازلُ عن ذلك ردةٌ توردهم المهالك، وقد كان، فعوقبوا بالتيه في الأرض أربعين سنة -حتى هلكوا ونشأ جيل غيرُهم.

أما الرجلان فقد قال الضحاك أنهما كانا في مدينة الجبارين، ولكن على دين موسى عليه السلام، وكانا ناصحين لموسى ومن معه، ولكنهما كانا يخافان من العمالقة أن يطلعوا على إيمانهما فيفتنوهما، ومع ذلك وثقًا بالله وقاما بالنصح للمؤمنين والتّهوين من شأن الجبارين. وقيل في معنى {يَخَافُونَ}: إنهما كانا يخافان ضعْفَ بني إسرائيل وجبنهم. وقرأ بعضُهم (يُخافون) وهذا يقوي أنهما من غير قوم موسى، ولكن أنعم الله عليهما بالإسلام واليقين والصلاح (٢).

ومن دروس هذا النموذج أن الذّلة والمهانة والتمرد والسخرية والتخلي عن معالي الأمور تُفْضي إلى نهاية مؤلمة، ويُوصف أصحابها بالردة والفسوق. أما الشجاعة في سبيل الحق فتورث العزة والكرامة، ويستحق أصحابها نعمة الله ورضوانه.


(١) سورة المائدة: الآية ٢٣.
(٢) تفسير القرطبي ٦/ ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>