للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعداء، تهون عليهم أرواحُهم وهو يتطلعون إلى الجنان.

إخوة الإيمان: ومن قوم موسى وأصحاب محمد صلى الله عليهما وسلم إلى صاحب (يس) حيث النموذج الثالث لرجال القرآن، وبه يتجلى النصحُ للخلق والدعوى بالحسنى لاتباع المرسلين: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ} (١).

وحين تجبّر أهلُ قريته وهمّوا بقتل رسلهم ولم يُفدْ نصحُه لهم أعلنها صريحةً في وجوههم: {إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} (٢)، أو قالها مخاطبًا رسل الله ليشهدوا له بالبلاغ لقومه عند الله.

وعلى الرغم من سوء صنيع قومه به -فقد ورد أنهم وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه، أو رموه بالحجارة حتى أقعصوه وقتلوه - فما زال ناصحًا متمنّيًا الخير لهم، متحسرًا على جهلهم وعنادهم بعد مماته وانتقاله إلى الدار الآخرة: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} (٣). وهكذا لا تلقى المؤمن إلا ناصحًا ولا تلاقه غاشًا، قال ابنُ عباس رضي الله عنهما: نصح قومه في حياته بقوله: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} (٤)، وبعد مماته في قوله: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} (٥)

٤ - أيها المسلمون ويتكرر نموذج الرجل الساعي للخير مع موسى عليه السلام حين


(١) سورة يس: الآيتان ٢٠، ٢١.
(٢) سورة يس: الآية ٢٥.
(٣) سورة يس: الآيتان ٢٦، ٢٧.
(٤) سورة يس: الآية ٢٠.
(٥) تفسير ابن كثير: ٣/ ٩٠٤، ٩٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>