أن تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل شفاعة وجوار امرأةٍ وأعلن ذلك على الملأِ بقوله «لقد أجرنا من أَجرتِ يا أم هانئ»، وقبل مشورةً أخرى يوم الحديبية، حين تأخرَ المسلمون في الحَلْق -إذ لم يعتمروا - فأشارت عليه أحدُ نسائه بأن يبدأ في الحلق أمام المسلمين، ففعل وتتابع المسلمون يحلقون.
وفي سيرته صلى الله عليه وسلم عمومًا، كان يُقَدِّرُ الشبان ويأذن لهم بحضور مجالس الكبار. وفي سيرة ابن عمر، وابن عباس وأمثالهما .. نماذج لا تُدانى في تقدير آراء الصغار، وإشراكهم في المهمات مع الكبار. وإذا كان هذا صنيعَه مع النساء والصغار .. فلا تسأل عن هديه وأسلوب تعامله مع الرجال والكبار.
والسؤال المهم: كيف ننمي هذه المعاني، ونسهم في تربية القادة ونفسح المجال للقدرات، ونحافظ على الحقوق والكرامات؟
لا بد في هذا الصَّدد من شعور المربين بهذا النوع من التربية، ولا بد من الممارسة العملية لمن يربون، والآباء والأمهات والمعلمون والمعلمات والمسؤولون والرؤساء كل أولئك مسؤولون عن تحقيق هذه المعاني وغيرها فيمن تحت أيديهم، واقعًا لا تنظيرًا، إذ لا بد من قراءة السيرة النبوية، وسير الأعلام والنبلاء. والمناهج التعليمية لا بد من صياغتها بشكل يحقق هذا الغرض للدارسين، وقبل هذا وذاك، لا بد من وعي المعلمين واستشعارهم، ولا بد من قيام السياسة الإعلامية على أساس من الصدق في الطرح، والثقة في النقل، وإعطاء الفرصة لكل رأي بناء، ولا بد من ضرب النماذج العادلة التي تدعو للإعجاب والاقتداء، أما التعتيمُ في النقل، وحجبُ الرؤية الصحيحة، والإسراف في الثناء، وإغفالُ القيم الكبرى، وبروزُ المهرجين، واختفاء العلماءِ والمفكرين الجادين عن هذه الوسائل الإعلامية، فكل ذلك يؤخر الوعي، ويُسهم في نقل