للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (١).

وسأورد لكم -في هذه الخطبة - طرفًا من قصة نبيٍّ رسول دعا قومه فلم يستجيبوا له أول الأمر، فذهب مُغاضبًا لهم، وركب البحر وشاء الله أن تقف به وبمن معه السفينة في لجِّ البحر، أو تهيج بها الرياحُ العاتية، مما أحوج إلى الاقتراع وإنزال أحدِ ركابها، فوقع السَّهم على هذا النبي، فكان من المدحضين، فالتقمه الحوتُ وهو مليم، ولذا نسُب إلى الحوت فقيل له: (ذو النون)، وعاش فترة في بطن الحوت، لا يهشم له لحمًا، ولا يكسر له عظمًا، لكنه في ظلمات موحشة، أنقذه الله منها -وإن خرج سقيمًا ضعيفًا - بسبب تعرُّفِه على الله في الشدة كما كان يعرفه في الرخاء، وإذا احتمى الأنبياءُ بحمى الله واعترفوا له بالخطيئة، ودعوه بالفرج فغيرهم أولى بذلك.

إنه يونس بن متّى صلى الله عليه وعلى سائر الأنبياء، عاش في أرض الموصل، وبعثه الله إلى أهل نينوى، وسمَّى في القرآن سورة باسمه، وذكره في معرض قصص الأنبياء؛ فقال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (٢).

وفي «الصافات» عرضٌ وتفصيلٌ لبعض ما أجمل في قصته (٣)، وفي سورة


(١) سورة يوسف: الآية ١١١.
(٢) سورة الأنبياء: ٨٧، ٨٨.
(٣) الآيات من ١٣٩ - ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>