للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«القلم» تذكير لمحمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بقصة يونس، وأخذ العبرة منها (١). وفي قصة يونس -بشكل عام - درس وعبرة للأمة التي نزل عليها القرآن، وفيها حكمٌ وآداب ودعاءٌ مستجاب يتجاوز يونس إلى غيره من المؤمنين -كما سيأتي البيان.

أيها المسلمون: وقبل أن أقف على شيء من دروس قصة يونس عليه السلام -أسوق لكم تفصيلًا أكثر لقصته وردت في السنة، رواها ابن أبي شيبة في «مصنفه» وعزاها صاحب «الدرر المنثور» إلى أحمد في «الزهد»، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم وغيره، ونقل الحافظ ابن حجر مقطعًا منه وحكمَ بصحة رواية ابن أبي حاتم كما في «الفتح» (٢) وصحّحها غيره (٣). والرواية بنصِها عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إن يونس عليه السلام كان وعد قومه العذاب، وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام، فتفرقوا بين كل والدةٍ، وولدها، ثم خرجوا فجأروا إلى الله واستغفروه، فكفَّ الله عنهم العذاب، وغدا يونس عليه السلام ينتظر العذاب فلم ير شيئًا، وكان مَنْ كَذَبَ ولم يكن له بيِّنة قُتل، فانطلق مغاضبًا، حتى أتي قومًا في سفينةٍ، فحملوه، وعرفوه.

فلما دخل السفينة ركدت، والسفن تسير يمينًا وشمالًا، فقال: ما بال سفينتكم؟ قالوا: ما ندري. قال: ولكني أدري، إن فيها عبدًا أَبِقَ من ربه، وإنها والله لا تسير حتى تُلقوه، قالوا: أما أنت والله يا نبي الله فلا نلقيك.

فقال لهم يونس عليه السلام: اقترعوا فمن قرع فليقع، فاقْتَرَعوا، فقرعهم يونس عليه السلام ثلاث مرار، فوقع وقد وُكِّل به الحوت، فلما وقع ابتلعه فأهوى به إلى قرار الأرض، فسمع يونس عليه السلام تسبيح الحصى: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ


(١) الآيات من ٤٨ - ٥٠.
(٢) ٦/ ٤٥٢.
(٣) صحيح القصص النبوي، الأشقر ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>