للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت» (١). وكان من معادن الصدق، ويجتمع إليه الصالحون، كما وصفه سفيانُ الثوري يرحمه الله.

وهذا «طلقُ بنُ حبيب» اشتهر بكثرة العبادة، حتى كان المتمني بالبصرة يقول ويتمنّى عبادة طلق بن حبيب (٢). أما «مُسلم بنُ يسار» فكان إذا صلى كأنه ثوبٌ مُلقًى من خشوعه (٣). أما «إسماعيل بنُ عبيد الأنصاري» فكان يُلقب بـ (تاجر الله)؛ لأنه جعل ثلث كسبه لله ينفقه في وجوه الخير (٤). أما «زبيدُ بنُ الحارث اليامي» فيكفيه أن يقول عنه سعيدُ بنُ جبير رحمهما الله: لو خُيرت مَنْ ألقى الله تعالى في مسلاخه لاخترتُ زبيدًا اليامي. ومع ذلك كان الرجلُ إلى علمه وعبادته متواضعًا، وكان يخدم العجائز والأرامل، فإذا كانت الليلةُ المطيرة طاف على عجائز الحي يقول: ألكنّ في السوقِ حاجة (٥)؟

عباد الله: تلك خلالٌ وخصالٌ كريمة، وضروبٌ من المجاهدة والبر والإحسان، لم يكن أصحابُها يقصرونها على شهر رمضان، بل كانت تلك سجاياهم وهممُهم على الدوام، وما أروع الحكمة القائلة: «أيها المؤمن إن كنت أصبت في الساعات التي مضت، فاجتهد للساعات التي تتلو، وإن كنت أخطأت فكفّر، وامح ساعةً بساعة» (٦).


(١) سير أعلام النبلاء ٥/ ٣٥٥.
(٢) سير أعلام النبلاء ٤/ ٦٠١ - ٦٠٣.
(٣) الطبقات لابن سعد ٧/ ١٨٦، الفسوي: المعرفة والتاريخ ٢/ ٨٥.
(٤) طبقات علماء أفريقية ٨٤، ٨٥، عن عبد الله الخرعان. أثر العلماء في الحياة السياسية، ص ١٣٦.
(٥) سير أعلام النبلاء ٥/ ٢٩٧.
(٦) وحي القلم ١/ ٣٥٩، ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>