للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل السيوطي عن عكرمة عند تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أنه قال: ولا ينزلُ تلك المنزلة أحدٌ قرأ القرآن - أي حفظه - (١).

وعلى كل حال فالضعف من سيما هذه المرحلة، والإنسانُ في هذا السِّن أحوجُ ما يكون للرعاية والمساعدة، ومن هنا جاءت نصوصُ الشريعة بالاهتمام بالكبير وتقديره بدءًا بالوالدين إحسانًا، وشمولًا لكبار السن رجالًا ونساءً، وعطفًا على الضعفةِ منهم والمحتاجين للمساعدة تقديرًا وإجلالًا.

إنها العظمةُ في تعاليم الإسلام، لا ترمي الكبار في المزابل، ولا تنساهم وتودعهم المستشفيات أو دور الرعاية دون تقدير لمشاعرهم، بل هي الرعايةُ والحنوُّ والعطفُ تقديرًا لماضيهم، ووفاءً لجهودهم وحقوقهم.

إن رعاية الوالدين والإحسان إليهما جاءت بها شريعةُ الإسلام والشرائعُ السماوية قبلها، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (٢).

وحرم الإسلام عقوقهما - بأي شكل من الأشكال - وإن قلَّ في عين العاق، كالتأففِ مثلًا، وقد نُقِل عن الحسن بن علي قوله: لو علم اللهُ شيئًا من العقوق أدنى من أفٍّ لحرَّمه (٣).

وإذا كان الأبوان في أعلى قائمة المسنين رعاية وتقديرًا واحترامًا، فقد شملت رعاية الإسلام للمسنين عمومًا، واتخذت هذه الرعاية أشكالًا وأساليب كثيرة،


(١) الدرّ المنثور: ٨/ ٥٥٨.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٨٣.
(٣) الدرّ المنثور ٥/ ٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>