للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباد الله: وفوق ما مضى، فقد جاء في جملة آداب الإسلام توقيرُ الشيخِ الكبير، والرحمةُ بالمرأة المسنة، فذلك من إجلالِ الله.

أخرج البخاري في الأدب المفرد: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم» (١).

بل جاء النهي والوعيد عن عدم توقير الكبار، ففي «سنن الترمذي» و «الأدب المفرد» للبخاري: «ليس منَّا مَنْ لم يرحمْ صغيرَنا، ويوقِّرْ كبيرَنا» (٢).

ومن النصوص النظرية إلى الواقع العملي في المجتمع الإسلامي نرى عجبًا في تقدير الكبار واحترامهم وقضاء حوائجهم، وحين كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم القدوة في هذا الأدب تسارع المسلمون للعناية بالكبار، وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون.

وفي «تاريخ عمر» لابن الجوزي أن عمر رضي الله عنه خرج في سواد الليل، فرآه طلحةُ، فذهب عمرُ، فدخل بيتًا ثم دخل بيتًا آخر، فلما أصبح طلحةُ ذهب إلى ذلك البيت، فإذا عجوزٌ عمياءُ مقعدة، فقال لها: ما بالُ هذا الرجل الذي يأتيك؟ قالت: إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا، يأتيني بما يُصلحني ويُخرج عني الأذى (٣).

وفي معارك المسلمين تمثل قادتُهم الأدب والرحمة بالكبار، وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه يُدرج في صلحه لأهل الحيرة رعاية المسن، وقد جاء في صلحه معهم: «وجعلتُ لهم أيُّما شيخ ضَعُفَ عن العمل، أو أصابته آفةٌ من الآفات، أو كان غنيًا فافتقر، وصار أهلُ دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته، وعيلَ من بيت مال


(١) وهو في «صحيح الأدب المفرد».
(٢) عارضة الأحوذي: ٨/ ١٠٧، والأدب المفرد: ١٣٠.
(٣) ابن الجوزي: «تاريخ عمر» ص ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>