وأرباب هذه الفئة يُطلق عليهم أحيانًا اسم (النخب الثقافية)، وهذه النُّخب من أبرز ملامحها: أنها مشدودة إلى الفكر الخارجي - من الغرب أو الشرق - وحسب هيمنةِ هذا الفكر أو ذاك، وهي مولعة باجترار (ثقافة الاغتراب) في مختلف الأفكار والمذاهب السياسية والاقتصادية والأدبية، ونظرًا لغُربتها (الثقافية) فبينها وبين مجتمعاتها المسلمة نوعٌ من النفرة والجفوة.
ولذا فهذه الفئة كما تعيش غُربةً فكرية - هي كذلك تعيش عُزلةً شعوريةً .. إذْ لها همومها وأهدافها، وللمجتمع من حولها همومٌ وأهدافٌ تخالفها.
هذه النخب حين تُخطط للمجتمع أو تكتب عن سُبل نهضته، فإنما تتحدث بعقول غيرها، وتتحدث - حين تتحدث - كما لو كانت تتحدث عن أمة أخرى، وديار أخرى، غير أمةِ الإسلام، وديار المسلمين.
إن هذه الفئة المستغربة يمكن أن توصف بالرائد الذي كذب أهله. فقد نهل عدد منهم من معين الثقافة المستوردة، فأشربوا حبَّها، وذهب البعض منهم إلى ديار الغرب ليكون سفيرًا لأمته في نقل حضارتها الإسلامية المشرقة، والقادرة على الانقاذ لمن تَرَدَّوا في الهاوية، فإذا بهم يعودون أُجراءَ يرددون بوعي أو بغير وعي ما يريده أعداءُ الأمة، من أساتذتهم الذين باتوا يسخرون من تبعيتهم لهم، ويعترف هؤلاء الأسيادُ أنهم جعلوا من هؤلاء عبيدًا وخدمًا لنقل أفكارهم، بل أسموهم (دليل الطريق)، حيث قام هؤلاء المنهزمون بنقل الفكر الرديء والثقافة المستوردة إلى بلاد المسلمين نيابة عن هؤلاء الغزاة .. بل كفوهم مؤنة السلاح، وكانوا بديلًا عن الاستعمار المكروه للشعوب المسلمة والمكلفِ للدول المُستعمرة.
إخوة الإيمان: وأسوق لكم نموذجًا يؤكد به الغربُ سُخريته، يسخر به الغربيون من أتباعهم من أبناء المسلمين .. يقول سارتر: كُنّا نُحضر رؤساء القبائل وأولاد