للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل تجدون - معاشر المسلمين - أقوى وأمثل من عبارات المسارعة هذه والمسابقة والمنافسة لاغتنام الفرص والتقرب إلى الله بزاد ينفع العبد يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟

ألا إنها دعوةُ القرآن، ورحمة الرحمن، وإلا فالله غنيٌّ عنَّا وعن عبادتنا، ولا يضره كفرُ الكافرين، وإن لم يرضَه منهم، ولا تنفعه طاعة المطيعين، وإن كان يحبها ويرضاها لهم: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (١).

يا عبد الله! إياك أن يُسرع الناسُ الخُطى للخيرات وأنت واقفٌ أو تزحف، أو تتلفت، أو تلهو وتلعب، حتى إذا فجأك الحقُّ عضضت أصابع الندم ولات ساعة مندم، أترضى أن تكون ممن قال الله فيهم: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} (٢)؟ أم ترضى أن تكون حالك كحال من قال الله عنهم: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}؟ (٣).

وأين أنت - يا عبد الله - من دعوة محمد صلى الله عليه وسلم لك بالمبادرة لعمل الصالحات، وهو القائل: ((بادروا بالأعمال فتنًا كقطعِ الليل المظلمِ، يصبح الرجلُ مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع أحدهم دينه بعرَضٍ من الدنيا


(١) سورة الزمر، الآية: ٧.
(٢) سورة الأنبياء، الآيات: ١ - ٣.
(٣) سورة المؤمنون، الآيتان: ٩٩، ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>