للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قليل)). أخرجه أحمد ومسلم والترمذي (١).

يا أخا الإيمان وإذا كانت الفتنُ عوائق عن عمل الصالحات فالبدار البدار في عمل الصالحات، واغتنام مواسم الطاعات قبل كثرة الفتن، وصدِّها عن عمل الصالحات، وأنت لا تدري، إذا انفلق عليك الصباحُ بأمر الله ما يحمله لك المساء من أقدار الله، والله حين يتوفى الأنفس في منامها يمسك التي قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى .. ولست تدري أنفسُك ممن تمسك أم ترسل، وإن أرسلت فلست تدري كذلك ماذا ما بقي من أجلها.

أين نحن من قوم كثُرت أعمالهم الصالحة، وزاد خوفهم ومراقبتهم؟ عن ابن شوذب قال: لما حضرت أبا هريرة رضي الله عنه الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: بُعدُ المفازة، وقلة الزاد، وعقبةٌ كئود، المهبط منها إلى الجنةِ أو النار (٢).

وعن عمران بن نمران، أن أبا عبيدة رضي الله عنه كان يسير في العسكر فيقول: ألا رُبَّ مُبيِّضٍ لثيابه مُدَنِّسٌ لدينه، ألا ربَّ مكرمٍ لنفسه وهو لها مهين، بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات (٣).

أيها المسلمون: وبعد المبادرة والاستعداد لفعل الخير، ينبغي أن يكون القصدُ حسنًا، والعملُ لله خالصًا، وفرقٌ كبيرٌ بين من يريد بعمله الله والدار الآخرة ومن يريد الدنيا وزخرفها .. وهنا تستوقف المتأمل مجموعة آيات تفترق مواضعُها من كتاب الله، وتقترب معانيها ودلالتها، فتأملوهن، واعملوا بموجبهن.

أما الموضع الأول؛ فقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ


(١) صحيح الجامع الصغير ٣/ ٤.
(٢) صفة الصفوة ١/ ٦٩٤.
(٣) سير أعلام النبلاء ١/ ١٨، ((أين نحن من أخلاق السلف)) ص ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>