للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوالدان مع أولادهما، والمعلمون والمعلمات مع طلابهم وطالباتهم، والمسئولُ في عملٍ أو على فئةٍ مع من يتولى مسؤوليتهم، والعالم على الجاهل، والمعافى على المبتلى، والجارُ على جاره، والمسلمُ بشكل عامٍ على أخيه المسلم حين يرى منه خطًا أو انحرافًا، أو يدعوه إلى معروفٍ وخيرٍ غائبٍ عنه أو جاهلٍ به.

وبالجملة فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة للخير همّ للجميع، ومسؤولية مشتركة، وهي تعكس خيرية المجتمع ووعيه، ولا سيما إذا حُملت للناس بقوالب جميلة، وحكمةٍ وموعظة حسنة.

ولقد كان للسلف اعتناءٌ بهذا الأصل العظيم وقيامٌ به، وكانوا يعدون من لم يقم به من أهل الريب، فعن جامع بن شدادٍ قال: كنتُ عند عبد الرحمن بن يزيد الفارسي، فأتاه نعيُ الأسود بن يزيد، فأتيناه نعزيه، فقال: مات أخي الأسودُ، ثم قال: قال عبدُ الله: يذهب الصالحون أسلافًا، ويبقى أهلُ الريب، قالوا: يا أبا عبد الرحمن وما أصحابُ الريب؟ قال: قومٌ لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر (١).

وكم تأسن الحياة ويفسد الأحياءُ إذا لم يبق إلا أهل الريب، وكم تفشو المنكرات، ويغيب المعروف إذا قلَّ الصالحون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وكم تتوارى المنكرات ويتستّر المفسدون بفسادهم إذا قويت شوكةُ الأمر والنهي، وكم يقوى سلطانُ الخير في النفوس، ويشيع المعروفُ في الناس، إذا قام قائم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!

تُرى يا أخا الإيمان: كم تُسهم في إحياء هذه الشعيرة بقولك وفعلك وفي أي


(١) رواه البيهقي في ((الشعب)) ٧٥٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>