للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفاتٍ يحتاجها الآمر الناهي، وآدابٍ وفقهٍ تجعل من الأمر بالمعروف دعوةً للناس بالحسنى، وبها ينحسر المنكر ويتوارى أهلُه خجلًا وحياءً.

أيها المسلمون: ومن أبرز هذه الصفات والآداب العلم، فلا بد أن يكون الآمرُ والناهي عالمًا بما يأمر به وما ينهى عنه.

قال الشيرازي: فالحسنُ ما حسَّنه الشرع، والقبيحُ ما قبحه الشرع، ولا مدخل للعقول في معرفة المعروفِ والمنكر إلا بكتاب الله عز وجل، وسنةِ نبيه صلى الله عليه وسلم، ورُبَّ جاهلٍ يستحسن بعقله ما قبّحه الشرعُ، ويرتكب المحظور وهو غيرُ عالمٍ به (١).

ويقول الغزالي: العامي ينبغي له أن لا يحتسب إلا في الجليات المعلومة كشرب الخمر، والزنا، وترك الصلاة، فأما ما يُعلم كونه معصيةً بالإضافة إلى ما يطيف به من الأفعال، ويفتقرُ فيه إلى الاجتهاد، فالعاميُّ إن خاض فيه كان ما يفسده أكثر مما يصلحه (٢).

والإخلاصُ إلى جنب العلم صفةٌ -بل شرط- للآمر، وموجبٌ للقبول، فلا يأمر وينهى ليُحتسب في الآمرين، أو ليصل بذلك إلى مالٍ أو مرتبةٍ أو جاه .. أو نحو ذلك من أعراض الدنيا الزائلة، وكذا الانتصار للنفس مُذهِبٌ للإخلاص، عن أرطأة بن المنذر قال: المؤمن لا ينتصر لنفسه، يمنعه من ذلك القرآن والسنة، فهو ملجم (٣).

والصبرُ سلاحٌ لا ينفك عنه الآمرُ والناهي، فلا بد أن يناله من أذى الناس وسخريتهم وصدودهم ما يحتاج معه إلى صبر يوطّنه على مواصلة الطريق، محتسبًا


(١) نهاية الرتبة في طلب الحسبة ص ٦.
(٢) إحياء علوم الدين م ٣ ج ٧/ ٢٨.
(٣) ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) للخلال ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>