للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها المسلمون: ونشرُ العلم - بالمحاضرات أو الدروس أو التأليف، أو الفُتيا - كلّ ذلك وسائلُ عظمى لإقرارِ المعروف ونشره وإنكارِ المنكرِ، وبالعلم يعلم الناسُ الحلالَ من الحرام، ويرغبون في المعروف، ويحذرون من المنكر، وإذا غاب أو تقلص أثرُ العلماء اضمحلت الهداية، وفشت الجهالةُ، واتسع نطاقُ المنكر، وكثر المبطلون.

والنصيحةُ سِرًّا، أو جهرًا، بحسب مقتضى الحال - من هدي المرسلين - عليهم السلام -، وهذا هود - عليه السلام - يقول لقومه: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} (١).

ومن قبله نوحٌ عليه السلام قال: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ} (٢).

ومن بعدهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة)) (أي عمادُ الدين وقوامُه النصيحة) قلنا: لمن؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)) (٣).

وفَقهَ المسلمون - فيما بعدُ - حاجتهم وحاجة إخوانهم إلى النصيحة، فكانوا يبايعون على ذلك، كما يبايعون على الصلاة والزكاة.

عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامِ الصلاة وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم (٤).

وكانت النصيحة تبرم لها المعاهدات والعقودُ - ضمن أمور الدين الأساسية. وفي بعية العقبة قال عبادة بنُ الصامت رضي الله عنه - في خبر بيعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم -: وعلى أن نقول بالحقِّ أينما كنّا لا خاف في الله لومة لائم (٥).


(١) سورة الأعراف، الآية: ٦٨.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٦٢.
(٣) رواه مسلم ح ٥٥، ((رياض الصالحين)) ص ٩٩.
(٤) متفق عليه.
(٥) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>