للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن الأمة المسلمة مقارنةً بالأمم الأخرى.

أيها الناس: ومن الإسلام بمفهومه الحقّ عبر القرون - إلى القرآن الكريم بوصفه آخر الكتب المنزلة، مصدقًا لما بين يديه من الكتب، ومهيمنًا عليها، اختصّه الله من بين كتبه بالحفظ، فلا تستطيعه أيدي التحريفِ والتبديل، والوعدُ بذلك إلهي، والتأكيدُ رباني: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (١). شملت آياتُه وصايا السابقين ولم تُغفل شرائع المرسلين، وزادت عليها أحكامًا وشرائع وهدى حتى أكمل اللهُ به الدين، وانقطع الوحيُ من السماء بعد موتِ المنزَّلِ عليه محمد صلى الله عليه وسلم.

فيه الهدى والنور والشفاء، وما به عوجٌ ولا افتراء بل قصّ اللهُ فيه على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون، وحين استمع الجنُّ إليه قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} (٢). ما كان للقرآن أن يُفترى من دون الله، قصصُه أحسن القصص ولو أن قرآنًا سُيرت به الجبالُ أو قطعت به الأرض أو كُلِّم به الموتى لكان بهذا خليقًا.

منه السبعُ المثاني وكلّه قرآن عظيم .. ولو أُنزل على جبلٍ لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله .. حوى من أخبار الأنبياء والأمم الماضية ما لم تحفل به الكتبُ السابقةُ عليه، ومن أخبار اليهود والنصارى مالم يعلموا به من كتبهم، ولو لم يحفظ لنا القرآنُ هذه الأخبار والمغيبات لم نجده في أي كتاب آخر يُوثق به. يقرأه الصغيرُ والكبير، والذكرُ والأنثى، ويتفق على ألفاظِه وكلماتِه وحروفه أهلُ المشرق وأهلُ المغرب، وتتواتر روايتُه عبر القرون، وأين هذا من الأناجيل والتوراة المختلفة والمحرَّفة - ماذا بقي منها يوثق به لم تُحرف - وأي فقرة من


(١) سورة الحجر، الآية: ٩.
(٢) سورة الجن، الآيتان: ١، ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>