للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الكتب يمكن الاطمئنانُ إليها على أنها من وحي السماء؟ والله يقول عن أصحابها: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} (١)، ويقول عنهم أيضًا: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} (٢).

عباد الله: ولو قارنا كتاب الله القرآن المحفوظ في الصدور والمحوط من الزيادة والنقصان، بآخر كتاب سماوي نزل قبله، وهو الإنجيل المنزَّل على عيسى - عليه السلام - لأدركنا الفرق في الحفظ بين الكتابين، فمن كتب الإنجيل؟ وما الأناجيل الموجودة؟ وهل كتبها أو أمر بكتابتها المسيح عليه السلام؟

يجيبُ عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم «الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح» ويقول في «الجزء الثاني ص ١١»، وأما الأناجيلُ التي بأيدي النصارى، فهي أربعة أناجيل: إنجيل متّى، ويوحنا، ولوقا، ومرقس، وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح، وإنما رآه متّى ويوحنا. وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل، وقد يُسمون كلَّ واحدٍ منها إنجيلًا، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رُفع المسيح، فلم يذكروا فيها أنها كلامُ الله، ولا أن المسيح بلَّغها عن الله، بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح، وأشياء من أفعاله ومعجزاته، وذكروا أنهم لم ينقلوا كلَّ ما سمعوه منه ورأوه، فكانت من جنس ما يرويه أهلُ الحديث والسير والمغازي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله التي ليست قرآنًا .. اهـ

هذا إذا سَلِمت هذه الأناجيلُ من تحريفِ المحرِّفين وزيادات المبطلين - عبر العصور.


(١) سورة المائدة، الآية: ١٣.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>