للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العلماء: هذا صريح في أن عيسى - عليه السلام - يحكم بشريعتنا ويقضي بالكتاب والسنة، لا بالإنجيل ولا غيره. «تعليق الألباني على المنذري».

وأين حماةُ الصليب من هذا؟ ورسولُ الهدى صلى الله عليه وسلم يقسم: «والله لينزلنَّ ابنُ مريم حكمًا عادلًا، فليكسرنَّ الصليبَ، وليقتلنَّ الخنزيرَ، وليضعنَّ الجزيةَ .. » (١).

بل وأين أهلُ الكتاب من شهادة بعضهم على بعضٍ بصدق رسولنا؟ وقد أخرج أبو حاتم في «صحيحه» عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: خرج جيش من المسلمين - أنا أميرُهم - حتى نزلنا الإسكندرية، فقال عظيمٌ من عظمائهم: أخرجوا إليَّ رجلًا يُكلمني وأكلمُه، فقلتُ: لا يخرج إليه غيري، قال: فخرجت إليه ومعي ترجماني ومعه ترجمانه، فقال: ما أنتم؟ قلت: نحن العرب .. وأخبره عمرو عن حالتهم قبل البعثة وبعدها وكيف ظهر عليهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم .. فلما انتهى عمروٌ قال عظيمُ الإسكندرية: إن رسولكم قد صدق، قد جاءتنا رسلُنا بمثل الذي جاءكم به رسولُكم، فإن أنتم أخذتم بأمر نبيكم، لم يقاتلكم أحدٌ إلا غلبتموه، ولن يشارككم أحدٌ إلا ظهرتم عليه، وإن فعلتم مثل الذي فعلنا وتركتم أمر نبيكم، لم تكونوا أكثرَ عددًا منا، ولا أشدَّ منا قوة (٢).

أيها المسلمون: ولم تكن بعثتُه - عليه الصلاة والسلام - نعمةً على المسلمين وحدَهم، بل بعثته نعمةٌ على أهل الأرض كلِّهم، ففي شريعته صلى الله عليه وسلم من اللين والعفو والصفح ومكارم الأخلاق أعظمُ مما في الإنجيل، وفيها من الشّدةِ والجهاد وإقامة الحدود على الكفار والمنافقين، أعظم مما في التوراة - وهذا هو غاية الكمال - كذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - وأضاف يقول: ومن


(١) الحديث رواه مسلم في «صحيحه» ح: ٢٠٥٩.
(٢) الجواب الصحيح ١/ ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>