للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أخا الإسلام: أفلا يقودُك هذا الحديثُ ومثلُه إلى محبة الخيِّرين والقربِ منهم والجلوسِ إليهم، والله تعالى يقول يوم القيامة: «أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلُّهم في ظلِّي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي». أخرجه مسلمٌ ومالك في «الموطأ» (١).

ورسولُه صلى الله عليه وسلم يقول: «إن من عبادِ الله لأُناسًا ما هم بأنبياءَ ولا شهداء، يغبطهم الأنبياءُ والشهداءُ يوم القيامةِ بمكانهم من الله». قالوا: يا رسولَ الله تخبرنا مَن هم؟ قال: «هم قومٌ تحابُّوا بروح الله على غيرِ أرحامٍ بينهم، ولا أموالٍ يتعاطونها، فوالله إن وجوَههُم لنورٌ، وإنهم لعلى نورٍ، لا يخافون إذا خاف الناسُ، ولا يحزنون إذا حزنَ الناسُ». وقرأ هذه الآية: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (٢). أخرجه أبو داود، وفي سنده انقطاع، ولكن رواه ابنُ حبان في «صحيحه» بسند حسن، وأورد المنذريُّ في «الترغيب» حديثًا بمعناه وحسَّن إسناده، والحاكمُ وقال: صحيح الإسناد (٣).

يا أخا الإسلام: وإن قعدتْ بك همتُك عن مجاراةِ الخيِّرين في طاعاتهم وعباداتهم، فلا تنفكَّ عن محبتهم والتشبُّه بهم، وهاك هذه البشارة فاعقلها وعضَّ عليها بالنواجذ: روى البخاريُ ومسلم عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: كيف ترى في رجلٍ أحبَّ قومًا ولمَّا يلحق بهم؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «المرءُ مع من أحبَّ» (٤).

وإذا كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرحوا بها واستبشروا، حتى قال أنس:


(١) جامع الأصول: ٦/ ٥٥٠.
(٢) سورة يونس، الآية: ٦٢.
(٣) جامع الأصول: ٦/ ٥٥٣.
(٤) جامع الأصول: ٦/ ٥٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>