للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} (١).

ورد في سبب نزول هذه الآية الكريمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنك لأحبُّ إليّ من نفسي، وأحبُّ إليَّ من أهلي، وأحبُّ إليَّ من ولدي، وإني لأكونُ في البيت فأذكركَ فما أصبرُ حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرتُ موتي وموتك عرفتُ أنك إذا دخلت الجنةَ رُفعت مع النبيين، وإن دخلتُ الجنة خشيتُ أن لا أراك، فلم يردَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت عليه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} (٢) الآية. رواه ابن مردويه، والمقدسيُ في «صفة الجنة» وقال: لا أرى بإسناده بأسًا (٣).

عباد الله: وإذا كان هذا نموذجًا لمحبة الأصحاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، فهناك نموذجًا آخر لمحبة الأصحاب بعضهم بعضًا وما فيه من مغنم:

عن أبي إدريس الخولاني قال: دخلتُ مسجدَ دمشق، فإذا فتًى براقُ الثنايا والناسُ حوله، فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه، فسألتُ عنه فقالوا: هذا معاذُ بنُ جبلٍ، فلما كان الغدُ هجَّرتُ إليه، فوجدتُه قد سبقني بالتهجير، ووجدتُه يصلي، فانتظرتُه حتى قضى صلاته، ثم جئتُه من قِبَلِ وجهه، فسلمتُ عليه، ثم قلتُ: والله إني لأُحبك في الله، فقال: آلله؟ فقلتُ: آلله، فقال: آلله؟ فقلتُ: آلله، فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه وقال: أبشر، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال اللهُ تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ». أخرجه مالكٌ في «الموطأ»، والحاكمُ وصححه، وابنُ عبد البرِّ وغيرُهم (٤).


(١) سورة النساء، الآيتان: ٦٩، ٧٠.
(٢) سورة الزخرف، الآية: ٦٧.
(٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣١٠، ٣١١.
(٤) جامع الأصول، لابن الأثير: ٦/ ٥٥١، ٥٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>