للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} (١).

عبادَ الله: إن الحبَّ في الله والبغضَ في الله أوثقُ عرى الإيمان، كما أخبر بذلك الصادقُ المصدوقُ - عليه الصلاةُ والسلام - والحبُّ في الله والبغضُ في الله هو الذي يتجاوز أغراض الدنيا، ويُقيم صاحبُه وزنًا للقِيَم، وتضبط فيه العواطفُ، ويوزن بميزان الشرع المطهر، أساسُه الصلاحُ والتُّقى، ولو كان المُحبُّ في المالِ صعلوكًا وفي النسب نازلًا، وخياركم في الجاهلية خيارُكم في الإسلام إذا فَقُهوا، إن الله يرفع بهذا القرآن أقوامًا ويضعُ به آخرين.

إن محبة اللذة والشهوة الرخيصة تفنى وتنتهي في الآخرة إلى العداوة والبغضاء. أما محبةُ الدين فتثمرُ وتبقى وهي في الآخرة علامةُ التقوى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (٢).

وإذا زُين للمُبطلين اتخاذُ أندادٍ من دون الله يحبونهم كحب الله، فالذين آمنوا أشدُّ حبًا لله، له وحده يعبدون، وعليه يتوكلون، وإذا كان لكل شيء حقيقةٌ، فحقيقةُ محبةِ الله إتباعُ هَدْي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (٣).

أما محبة خلقِ الله فتكون بتقديم الخير لهم، ودفع الشرِّ عنهم، وعدم الاعتداء على حرماتهم، فكلُّ المسلم على المسلم حَرامٌ: دمُه ومالُه وعرضُه، ألا ما أجملَ الحبَّ والطاعة حين يرتفعان بصاحبهما إلى درجات النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا


(١) سورة آل عمران، الآيات: ١٥ - ١٧.
(٢) سورة الزخرف، الآية: ٦٧.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>