للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل اللهُ أرحمُ الراحمين، ويشهد برحمته كلُّ من قرأ: «الرحمن الرحيم» أو يقرأ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (١).

إنها رحمةُ من يقتدر على الأخذ بقوة: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} (٢).

وهي رحمةٌ لا يستطيع كائنٌ إمساكًا لها أو إرسالًا: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٣).

أيها المسلمون: ورحمةُ ربي شاملةٌ للحياةِ والأحياء لبني الإنسان والجن والحيوان، للمتقين والفجار، للأولين والآخرين، وفي الدنيا والآخرة.

وظواهر هذه الرحمة يدركها من يتأمل كتاب الله أو ينظرُ في ملكوت الله.

ومن مظاهرها: تسخيرُ الكائنات: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٤). {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (٥).

ويمتد التسخيرُ للمركوب والمأكول، ويربط ذلك برحمة الله كما قال تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} إلى قوله تعالى: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٦).

ومن مظاهر الرحمة: رفعُ البلاء، وإن جحد المُبتلون: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا} (٧). {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٥٦.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٤٧.
(٣) سورة فاطر، الآية: ٢.
(٤) سورة القصص، الآية: ٧٣.
(٥) سورة الإسراء، الآية: ٦٦.
(٦) سورة النحل، الآيات ٥ - ٨.
(٧) سورة يونس، الآية: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>