للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن ماجه عن حذيفة بسند صحيح (١).

عباد الله: ولا بد مع الصبر على المكاره من عدم الكبر والخيلاء، وتلك واحدة من وصايا لقمان لابنه، فالدعوةُ للخير لا تجيز التعالي على الناس والتطاول عليهم باسم قيادتهم للخير، ومن باب أولى أن يكون التعالي والتطاولُ بغير دعوةٍ إلى الخير أقبح وأرذل (٢).

{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (٣). أي: لا تتكبر فتحتقر عباد الله أو تعرض عنهم بوجهك إذا كلموك (٤)، ولا يظهر في مشيتك الكبرُ والخيلاء ... وتذكر أن بدايتك من ماءٍ مهين، وأنك مهما بلغت من الجاه والسلطان، واجتمع لك من الأموال والأولاد فنهايتُك إلى التراب، وقد قيل: أن القبر يكلم صاحبه إذا وُضع فيه ويقول: يا ابن آدم ما غرّك بي، ألم تعلم أني بيتُ الوحدة، ألم تعلم أني بيتُ الظلمة، ألم تعلم أني بيتُ الحق. يا ابن آدم ما غرّك بي، لقد كنت تمشي حولي فدَّادًا - والمعنى: ذا مالٍ كثير وذا خيلاء.

فهل يتكبر العقلاءُ الذين يتذكرون المبدأ والمنتهى؟

ألا إن في آيات الذكر عبرة .. وفي وصايا لقمان عظة {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} (٥).

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله.


(١) صحيح الجامع: ٦/ ٢٥٣.
(٢) الظلال: ٥/ ٢٧٩٠.
(٣) سورة لقمان، الآية: ١٨.
(٤) تفسير ابن كثير: ٣/ ٧١٠.
(٥) سورة الإسراء، الآية: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>