للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها المسلمون: وتتعاظم مسؤوليةُ المسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كلما تعاظم الفسادُ وكثر المفسدون، وكلما قلَّ عددُ المنكرين، أو ضعف أثرُهم، أو كان حجمُ الشرِّ والفساد فوق طاقتهم، أو تعجزُ عن الإحاطةِ به إمكاناتُهم.

وإذا كان العلماءُ قد قرروا وجوبَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأجمع السلفُ وفقهاءُ الأمصار على وجوبه - كما نقل الجصاصُ وغيرهُ (١).

فقد قرروا كذلك أنه فرضٌ على الكفاية - إذا قام به من يكفي، سقط الإثم عن الباقين.

وهنا يرد السؤال: وما الحكمُ إذا لم يقمْ بواجب الأمر والنهي من يكفي؟ لقد قرر أهلُ العلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يتحول إلى الوجوب العيني على كل فرد، ويأثمُ كلُّ قادرٍ عليه ولم يقم بواجبه، وفي هذا يقول شيخُ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله: «فإذا لم يقمْ به من يقوم بواجبه، أثِمَ كلُّ قادرٍ بحسب قدرته، إذ هو واجبٌ على كلِّ إنسان بحسب قدرته» (٢) ... ويقول سماحةُ الشيخ عبدُ العزيز بنُ باز يحفظه الله: وقد يكون هذا الواجبُ فرض عينٍ على بعض الناس إذا رأى المنكرَ وليس عنده من يُزيله غيرَه .. وإذا لم يكن في البلد أو القبيلة إلا عالم واحدٌ وجب عليه عينًا أن يُعلِّم الناسَ ويدعوهم إلى الله، ويأمرَهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر حسب طاقته (٣).

يا أخا الإسلام: ولستَ أغيرَ من الله على شرعه ومحارمه ... ولكنك ممتحنٌ في غيرتك لشرعِ الله ودينه حين ترى منكرًا يسري بين الناسِ وأنت قادرٌ


(١) أحكام القرآن: ٢/ ٥٩٢، ابن حزم: الفصل في الملل والنحل: ٤/ ١٧١.
(٢) الاستقامة: ٢/ ٢٠٨.
(٣) وجوب الأمر بالمعروف: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>