للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى- كما قال أهل العلم- لا رخصة في الحسد، أو لا يحسن الحسد إن حسن إلا في هاتين الخصلتين (١).

أو لعل المقصود الغبطة، وهي تمني مثل ما عند الغير من غير رغبة في زوالها عنه، ولهذا بوب البخاري لهذا الحديث بقوله «باب اغتباط صواحب القرآن» ثم أردف بعد هذا الحديث حديث صاحب النية الطيبة الذي تمنى إحدى هاتين الخصلتين له مع بقائهما لأصحابهما، فوسعه فضل الله، والله واسع عليم، وقصته كما رواها البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل» (٢).

أخي المسلم ألست تبحث عن الخير في مظانه؟ إليك هذه الهدية وإن كنت لبيبًا فاحفظها واعمل بها، يقول عقبة بن عامر رضي الله عنه: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة- وهو موضع في المسجد كان فقراء المسلمين يأوون إليه، ولذا سموا بأصحاب الصفة- فقال: «أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق- وهما موضعان قرب المدينة- فيأتي منه بناقتين كوماوين- وهي العظيمة السنام - في غير إثم ولا قطيعة رحم؟ فقلنا: يا رسول الله، نحب ذلك، قال: أفلا يغدو أحدكم إلى السجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين أو ثلاث خير من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل» (٣).


(١) ابن حجر، الفتح ٩/ ٧٣.
(٢) البخاري مع الفتح ٩/ ٧٣.
(٣) الحديث رواه مسلم ١/ ٥٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>