للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباد الله: وكيف لا نعتني بهؤلاء الأطفال صغارًا، وهذه العناية بإذن الله سببٌ للانتفاع بهم كبارًا، وفي الحديث: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث» وذكر منها ولدًا صالحًا يدعو له، علمًا بأنه لا مفرَّ من المسؤولية: «فكلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته».

وإذا كان للوالدين حقوق مشروعة، فعليهم واجبات ومسؤولية، ولئن قيل للأولاد: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} (١)، فقد قيل للآباء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (٢)، قال مقاتل في معنى هذه الآية: أن يؤدب المسلمُ نفسَه وأهلَه فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر (٣)، بل قال بعضُ أهل العلم: إن الله سبحانه يسأل الوالدَ عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده.

ويؤكد ابن القيم رحمه الله على أهمية تربية الأولاد، وأثر إهمالهم مستقبلًا فيقول في (تُحفة الودود): فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعُه وتركه سُدًى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثرُ الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارًا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارًا ...

ويقول الغزالي: فالصبيُّ إذا أُهمل في ابتداء نشوئه خرج في الأغلب رديء الأخلاق كذابًا حسودًا سروقًا، نمامًا، ذا فضول، وضحك وكيادٍ ومُجانةٍ، وإنما يُحفظ عن جميع ذلك بحسن التأديب.

أيها المربون والمربيات: وإذ سبق الحديثُ عن بعض وسائل تربية الأطفال


(١) سورة الأحقاف، الآية: ١٥.
(٢) سورة التحريم، الآية: ٦.
(٣) منهج التربية النبوية للطفل: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>