للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأنيسُ، والتقبيلُ من جملة ذلك (١)، وهو القائلُ صلى الله عليه وسلم لغلام صغير يداعبه ويكنيه: «يا أبا عمير ما فعل النُّغير» (٢).

أيها المربون والمربيات: والغلظةُ مع الأطفال ليست مفخرة، والتصابي لهم وتطييبُ خواطرهم ليست مذمة ولا ذلة، وقد لام الرسولُ صلى الله عليه وسلم من أخبره أن له عشرة من الولد لم يقبل أحدًا منهم، وقال له: «أَو أَملكُ أن نزع الله الرحمة من قلبك؟ ».

وروى الحاكمُ وصححه أن الحسين رضي الله عنه جاء والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، فركب عنقه وهو ساجد، فأطال السجود، فلما قضيت الصلاة قال الصحابةُ: أطلت السجود يا رسول الله، حتى ظننا أنه قد حدث أمرٌ، فقال: «إن ابني قد ارتحلني فكرهتُ أن أُعجله حتى يقضي حاجته» (٣).

عباد الله: وما أجمل التصابي أو المداعبة أو حسن الخلق، ولين العاطفة مع الأطفال إذا كانت سبيلًا لدعوتهم للخير، وتحذيرهم من الشر، فتلك وسيلةٌ نافعةٌ بإذن الله للأطفال .. ولكنها لا ينبغي أن تكون الدهر كلَّه إذ يحتاج الطفلُ أحيانًا إلى الحزم والعزم لبلوغه المعالي، بل ربما احتاج إلى الضرب، ولكن الضرب له قواعدُه ومواصفاته، ومتى يكون ومتى يُمنع، وهو بكلِّ حال أدبٌ لا انتقام، ولا يُحبَّذُ في حال الغضب، ولا يصلح لكل الأطفال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (٤).

إخوة الإيمان: ومهما بلغت وسائلنا في تربية أطفالنا فلا غنى لنا عن دعاء ربنا


(١) الفتح: ١٠/ ٤٢٥.
(٢) أخرجه البخاري، انظر الفتح: ١٠/ ٥٨٢.
(٣) الإحياء: ٢/ ٢١٨. وقال العراقي: رواه النسائي والحاكم على شرط الشيخين.
(٤) سورة الطلاق، الآية: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>