للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن دعا الناس إلى ذمِّه ذمُّوه بالحقِّ وبالباطل

إنها أخلاق السوءِ - نعوذ بالله منها - تجر أصحابها إلى الإساءة للآخرين إن بحقٍّ أو بباطل ... وتسري آثارُهم المدمرة لتدمر ما حولها، ثم تعود لتدمر نفسها في النهاية، وكذا تفرق النميمةُ بين الأحبة، وتفرق الأمة المجتمعة.

ومن نمَّ في الناس لم تؤمن عقاربُه ... على الصديق ولم تؤمن أفاعيه

كالسيل بالليل لا يدري به أحدٌ ... من أين جاء ولا من أين يأتيه

فالويلُ للعهد منه كيف ينقضهُ ... والويلُ للودِّ منه كيف يُفنيه (١)

يا عباد الله: إيّاكُمْ والسخريةَ بالآخرين، والتجسسَ عليهم، وسوء الظن بهم، فذاك من الأذى المنهيّ عنه في كتاب الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (٢).

أيها المسلمون: ومظاهرُ الأذية للمسلمين لا تقف عند حدِّ الاعتداء على الأعراض - مع خطورتها وعظيم جرمها، وقبح آثارها - فهناك مظاهرُ أخرى للأذى ومنها أذيةُ المسلمين في بيوتهم كالمعاكسات الهاتفية، وكمن يتصل هاتفيًا في ساعات محرجة، فإذا فُزع أهل البيت وأجابوا النداء وإذا بالسماعة تُغلق في وجوههم، ولربما أصابوا دعوةً فتحت لها أبوابُ السماء ... فهل هذا من خُلُق الإسلام، أم هو نوعٌ من الأذى؟


(١) ابن حبان، روضة العقلاء ص ٢٩٤، ٢٩٥.
(٢) سورة الحجرات، الآيتان: ١١، ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>