للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي القرآن، قال: فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري، فقرأت النساء حتى إذا بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} رفعت رأسي أو غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي، فرأيت دموعه تسيل» (١).

إخوة الإيمان، هذه حال أسلافنا، فما بالنا نحن نقرأ القرآن كما يقرأ أي كتاب آخر لا تراق لنا دمعة، ولا تقف لنا شعرة؟ وفي القرآن الكريم مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، كما قال تعالى {الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد} (٢).

وهذه صفة الأبرار عند سماع كلام الجبار، فهو لما يفهمون من الوعد والوعيد والتخويف والتهديد تقشعر جلودهم خشية وخوفًا، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه، وهم بذلك يختلفون عن الكفار، ومخالفون لأهل البدع الذين ربما ذهبت عقولهم وغشي عليهم بفعل الشيطان (٣).

ولأهمية قراءة القرآن بتدبر وتمعن جاء النهي عن كثرة قراءته إلى حد لا يفقه القارئ ما قرأ، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» وبإسناد صحيح آخر «اقرأوا القرآن في سبع ولا تقرأوه في أقل من ثلاث» (٤).


(١) رواه مسلم ١/ ٥٥١.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٢٢٣.
(٣) تفسير ابن كثير ٧/ ٨٥.
(٤) الفتح ٩/ ٩٦، ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>