للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرى من أين نشأت هذه المحبةُ؟ وكيف انقلبت الموازين في حياة ثمامة؟ إنها مكارمُ الأخلاق، وأدبُ المعاملةِ، والعفوُ مع القدرة على الانتقام ... وإذا كانت تلك المعاملةُ مع الكافر فكيف ترون معاملته صلى الله عليه وسلم مع المسلم؟

ويكفي هنا أن نشير إلى مقولة أنسٍ رضي الله عنه: خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي أفٍّ قطُّ ولا قال لي لشيء: لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا، رواه مسلم. فإذا وضعت في الحسبان طول هذه المدة في الخدمة، وأن الخادم غلامٌ صغير - ومظنّةُ الخطأِ منه أكثر من الكبير .. أدركت كم هو عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق، وحسن المعاشرة.

معاشر المسلمين: أين التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في حُسن الخُلُق، ومَن منا يرغِّب الآخرين في الإسلام من خلال حسن خُلُقِه وطيب معاملته؟ وكم مِن المسلمين من يدعو للإسلام بسلوكياته الفاضلة وأخلاقه العالية قبل أن يدعو بلسانِه ومقالِه؟

إنها أزمةُ أخلاق يعيشها أعدادٌ كثيرةٌ من المسلمين، وكم يخسر العالمُ بانحطاط أخلاق المسلمين، فوق ما يخسره المسلمون أنفسهم.

عباد الله: ومما يدعو إلى حسن الخلق فضلُه العظيم، ومكانةُ أصحابه عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم، وبين الناس. فصاحبُ الخُلقِ الحسن من أكمل المؤمنين إيمانًا. رواه أبو داود والترمذي وصححه ابنُ حبان (١).

وأصحاب الخُلُق الحسَنِ من خيار المسلمين: «إنَّ من خيركم أحسنِكم خُلُقًا» رواه البخاري في «صحيحه» (٢).

وإذا تنافس المتنافسون في الصلاة والصيام فينبغي كذلك أن يتنافسوا في


(١) الفتح: ١٠/ ٤٥٢.
(٢) الفتح: ١٠/ ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>