للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الجنيد: أربعٌ ترفع العبدَ إلى أعلى الدرجات، وإن قلَّ عملُه وعلمُه: الحلمُ، والتواضع، والسخاء، وحسنُ الخُلُق، وهو كمالُ الإيمان (١).

إخوة الإيمان: وحيث مضى حديثٌ عن فضلِ حسن الخلق وأثره، ونماذج من خُلقُه صلى الله عليه وسلم وإشارة إلى أصول الأخلاق الفاضلة.

فحديث اليوم يرتكز على ثلاث نقاطٍ أساسية:

١ - فطرية بعض الأخلاق واكتساب بعضِها.

٢ - العوامل المؤثرة سلبًا في الأخلاق.

٣ - العلاج وطرق اكتساب الأخلاق الفاضلة.

أما فطرية الأخلاق، وإمكانيةُ تقويمها، فقد ذهب بعضُ الباحثين والفلاسفة إلى أن الأخلاق غرائزُ في النفس الإنسانية لا تقبل تقويمًا ولا تعديلًا، وهذه نظرةٌ خاطئةٌ، وقد استغلها من ثقلت عليه مجاهدةُ نفسهِ فراح يبرر لها ما هو مقيمٌ عليه من ذميم الأخلاق، بأنه ليس في وسعه تغيير ما طُبع عليه وجُبل.

ولكن الصواب من القول أن من الأخلاق الكريمة ما يطبع عليه صاحبُه - فهذا يحمد الله على ما آتاه اللهُ من فضله، ومن الأخلاق الكريمة ما يُنال بالاكتساب والمجاهدة.

وفي حديث أشج عبد القيس أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: «إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلمَ والأناةَ» قال: يا رسول الله قديمًا كانا فيَّ أو حديثًا؟ قال: «قديمًا» قال: الحمدُ لله الذي جبلني على خُلُقين يحبهما الله (٢).

قال ابنُ حجر في شرحه للحديث: فترديده السؤالَ وتقريره عليه يُشعر بأن في


(١) الإحياء: ٤/ ١٤٣٣.
(٢) رواه أحمد والبخاري وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>