للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلاوة السنوية؟ ودعونا نحسن الظنَّ بالناسِ ونقول: إن فئةً من المسلمين يشغل بالهم هذا السؤال من ذواتِ أنفسهم، وفئةً أخرى قد تكون غافلةً لكنها إذا ذُكرت تذكرت ... ولنعد إلى السؤال: بم نستقبل وكيف نودع؟

إن نهاية عام تعني ذهاب ثلاث مئة وستين يومًا من عمر الإنسان، وتلك تحوي أعدادًا كثيرةً من الساعات وأضعافها من الدقائق والثواني، كما تحوي عددًا من الأعمال دقت أو جلت، صلحت أم خبثت، وتحوي في طياتها عددًا من الخطرات، وأنواعًا من الهواجس، وألوانًا من الحركات ... وهذه فيها الصالحُ والطالحُ، وفيها ما هو في سبيل الله وابتغاءَ مرضاته، وفيها ما تهوي الأنفسُ وتلذ الأعينُ وإن كانت في غير مرضاة الله، ومخالفةً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

في هذه الأيامِ والساعاتِ والدقائقِ أعمالٌ صالحةٌ تُسرّ النفسُ لذكراها، ويود المرءُ لو كانت حياتهُ كلُّها على منوالها، وقد يكون فيها من أعمال السوءِ ما يودُّ صاحبُها أن يتناساها، ويرغب أنه لم يقترفها، ويوم القيامة يود لو كان بينه وبينها أمدٌ بعيدٌ ...

تُرى هذه الأعمالُ والحركات والرصيدُ المتجمع خلال عام أليس خليقًا بالمحاسبة والتذكُّر؟ والمحاسبةُ النافعة هي التي تقود صاحبها إلى استدامة عمل الخير، وقصرِ النفس قدر المستطاع عن عمل السوء، والنظرُ في العواقب تلقيحُ العقول - كما قيل - ومن أقوال الحكماء: شيئان إذا عملت بهما أصبت خيرَ الدنيا والآخرة. تحملُ ما تكره إذا أحبه الله، وتتركُ ما تحب إذا كرهه الله (١).

وقال العارفون: ما أحببتَ أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم، وانظر كلَّ عملٍ كرهت الموتَ من أجله فاتركه، ثم لا يضرُّك متى متَّ؟ (٢)


(١) تهذيب سير أعلام النبلاء: ٢/ ٥٢٤، ٥٢٥.
(٢) تهذيب سير أعلام النبلاء، ص ٥٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>