للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كم تلهينا الدنيا وهي متاعُ الغرور، فتمر الأيامُ والأعوامُ سراعًا بلا تفكير، وكم تفتنَّا بزينتها، ومتاعُها في الآخرة قليل، وإن يومًا عند ربِّك كألف سنةٍ مما تعدون ... وكلُّ نفسٍ مصيرُها على الموت والفناء ... ولكن المهمَّ ما بعد ذلك: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (١)، وكم ننخدع بوساوس الشيطان، وقد عُصي فلم يضر، وأُطيع فما نفع ... ويوم القيامة يتبرأ من متبوعيه ويقول حين يُقضى الأمر: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٢).

من قدوتُك في هذه الحياة؟ وما نوع الخليل الذي تتخذه لك صديقًا، والله يقول: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (٣)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «المرءُ على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل». هل تفكر جادًا في الموت وما بعده؟

عباد الله: وكم نتساهل بالذنوب وهي - كما قيل - مهلكاتٌ تفوّت على الإنسان سعادةَ الدنيا والآخرة، وتحجبه عن معرفة ربِّه في الدنيا، وعن تقريبه في الآخرة (٤): {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} (٥)، ومصيبةٌ حين تتراكم علينا الذنوب ونحن لا نشعر، فيكون الرانُ على القلوب {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٨٥.
(٢) سورة إبراهيم، الآية: ٢٢.
(٣) سورة الزخرف، الآية: ٦٧.
(٤) الفتح: ١١/ ١٠٦.
(٥) سورة الانفطار، الآيتان: ١٣، ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>