للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَحِيمِ} (١)، ويرحم الله أقوامًا كانت ذنوبُهم قليلةً، وحياتُهم عبادةً وخشوعًا وزهدًا وورعًا، ومع ذلك يقول أحدُهم تورعًا وتواضعًا وخشية: «لو كان للذنوب ريحٌ ما جلس إليَّ أحد» (٢) هكذا كان يقول محمد بن واسع الأزدي رحمه الله، الذي قال عنه سليمان التيمي رحمه الله: (ما أحدٌ أحبُّ أن ألقى الله بمثل صحيفته مثل محمد بن واسع) (٣).

يا عبدَ الله: كم في صحائفك الماضية من توبة واستغفار، والله يقول: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} (٤)، ويقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (٥).

وفي الأثر: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا».

وهذا سيدُ البشر المغفورُ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» (٦).

كم تُراغم الشيطان بالتوبة، وكم تُحتُّ الخطايا بالاستغفار، فكيف إذا كانت التوبة واجبةً ثابتةً بنصوص الكتاب والسنة كما قرر العلماء؟ ! (٧)

وينسب للإمام أحمد رحمه الله قوله (٨):

لَهَوْنا عن الأيام حتى تتابعتْ ... ذنوبٌ على آثارهنَّ ذنوبُ

فيا ليت أنَّ اللهَ يغفرُ ما مضى ... ويأذنُ في توباتنا فنتوبُ

إذا ما مضى القرنُ الذي أنت فيهمُ ... وخُلّفتَ في قرنٍ فأنت فيهم غريبُ


(١) سورة المطففين، الآيات: ١٤ - ١٦.
(٢) تهذيب سير أعلام النبلاء: ٢/ ٥٢٦.
(٣) السابق: ٥٢٦.
(٤) سورة هود، الآية: ٩٠.
(٥) سورة طه، الآية: ٨٢.
(٦) رواه البخاري وغيره: ٦٣٠٧.
(٧) التوبة وسعة رحمة الله - ابن عساكر/ ١٢.
(٨) مناقب أحمد: ٢٦٥، ٢٦٦، طبقات الحنابلة: ١/ ٨٣، سعة رحمة الله: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>