للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباد الله: وفي سبيل محاسبة أنفسكم في نهاية عام وابتداء عام، تذكروا أن أشقَّ شيء على النفوس جمعيتُها على الله، وهي تناشد صاحبها أن لا يوصلها إليه، وأن يشغلها بما دونه، فإنَّ حبسَ النفس على الله شديد، وأشدُّ منه حبسُها على أوامره، وحبسُها عن نواهيه، فهي دائمًا ترضيك بالعلم دون العمل (١).

أيها المسلمون: ما أجمل الأعمار تختم بالتوبة والاستغفار، وسبيلُ المسلمين في ذلك أن نختم كلَّ عملٍ، وكلَّ مجلسٍ، وكلَّ خطأ أو ذنبٍ بالتوبة والاستغفار ... ولا يزال اللهُ يعفو ما أحدث العبدُ توبةً وندمًا واستغفارًا ... فإن نسيت التوبة أو فاتك الاستغفار في شيء من أيام العام، فلا يفوتنَّك ذلك في نهاية العام، فالأعمالُ بالخواتيم، وصحائف العام لم تُطْوَ بعد، فأشهد ربَّك على توبتك، ولا تصرَّ على صغيرة، أو تحقرن من الذنوب شيئًا وإن داخلك الشيطانُ بتعاظم ذنبك وعدم مغفرة ربك، فاعلم أن رحمة الله وسعت لكَّ شيء، والله يغفر جميعًا ... ربنا كريم يحب عبده إذا اقترب منه، ويمحو عنه زلاته، قال اللهُ عزّ وجلّ - في الحديث القدسي: «من عمل حسنةً فله عشرُ أمثالها أو أزيد، ومن عمل سيئةً فجزاؤه مثلها، أو أغْفِر، ومن عمل قُرابَ الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئًا جعلتُ له مثلها مغفرة، ومن اقترب إليَّ شبرًا اقتربت إليه ذراعًا، ومن اقترب إليَّ ذراعًا اقتربت إليه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة» (٢)، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} (٣).


(١) المدارج: ٣/ ١٤٣.
(٢) رواه أحمد ومسلم وغيرهما.
(٣) سورة الزمر، الآيتان: ٥٣، ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>