للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفيصل بلغت الخلق {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً} (١) وهل رد الأمر إلى الله والرسول إلا رد لما ورد في القرآن إما جملة وإما تفصيلاً؟ !

ومن صور هجر القرآن عدم العمل به، وربما وجدت قارئًا مكثرًا من قراءة القرآن، لكنك لو فتشت في حاله لوجدته في واد والقرآن في واد آخر، وقد قيل كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه، نعم ومصداق ذللت أن هناك من يقرأ {ألا لعنة الله على الظالمين} - وهو يظلم- يقرأ لعنة الله على الكاذبين، وهو يكذب.

ويقرأ الوعيد الشديد في أكل الربا وهو واقع فيه، ويسمع آيات الله تتلى في تحريم شرب الخمر والزنا أو غيرهما من الفواحش، وكأن هذه الآيات لا تعنيه.

ما هكذا تكون قراءة القرآن يا عباد الله، وما نزل القرآن من أجل أن يتسلى به، أو يترنم بآياته فحسب؟

ومن صور هجر القرآن عدم الاهتمام به فلا يعلمه بنفسه ولا يتعلمه من غيره فضلاً عن أن يعلمه لمن يحتاج إليه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه».

أيها المسلمون إذا كان هذا بعض شأن هجر القرآن في عموم المسلمين، فإن هجر القرآن لدى الحكام الأمراء أو العلماء أشد وأنكى، ذلك أن هؤلاء يخولون للحكم به، وإلزام الناس بالتحاكم إليه، وسياسة الخلق على هداه، ويوم أن تفرط الأحكام عن توجيهات القرآن، أو يحكم بالقرآن في بعض الأمور ويتجاهل في أمور أخرى، أو تزاحم أحكام القرآن مواد القوانين الوضعية، أو


(١) سورة النساء، الآية: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>