للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن دعوى الإيمان مع إرادة التحاكم إلى قوانين البشر وطواغيتهم، زعمٌ حَكَمَ القرآن ببطلانه، وفضح أصحابه، وحكم عليهم بالضلال، ومتابعة الشيطان بقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} (١).

بل تلك سمةٌ من سمات المنافقين، إذ جاء بعدها قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} (٢).

إنهما حكمان متباينان لا ثالث لهما: إما حُكمُ الله، أو حكم الجاهلية: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (٣).

أيها المسلمون: وتعالوا بنا لنطبق هذه القواعد الكُليَّة على قضايا المرأة المطروحة هذه الأيام - حتى لا نُخدع بأن الخلاف في قضايا فقهية، أو ندع غيرنا ليحدد لنا ميدان المعركة، فإن كان الزاعمون لتحرير المرأة مؤمنين حقًا بأحكام الإسلام وتشريعات القرآن، وهدي محمد صلى الله عليه وسلم فحسبُهم أن يُذكروا بالنصوص الآمرة والناهية والهادية للمرأة، وهي مبثوثة في كتاب الله، وفي سورتي «النور» و «الأحزاب» على الخصوص شيء عظيم، أما «سورةُ النساء» فحسبُ المرأة شرفًا - في الإسلام - أن تُسمى سورةٌ باسمهن، بل أكثر من سورة، هذا فضلًا عما في سورتي «النساء» و «مريم» من آداب وأحكامٍ تعجز النظمُ البشرية - على امتداد تاريخها - أن تبلغ شأوها ..

وفي النبوة عدلٌ ووفاء، وبرٌّ ورحمة، ودعوةٌ للرفق بالنساء والوصية بهن


(١) سورة النساء، الآية: ٦٠.
(٢) سورة النساء، الآية: ٦١.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>