للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينبغي أن يُتخذ من منهج الأنبياء عليهم السلام طريقًا في الدعوة، ومن قال الله عنهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (١).

عاشرًا: وإذا كان الجوهرُ ثمينًا فينبغي أن يكون الوعاءُ الحاملُ له نظيفًا سليمًا، وكذلك الدعوة، ينبغي أن تُحمل للناس وتؤدّى بالحكمة والموعظة الحسنة، امتثالًا لقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٢)، وليُحذر من الغلظة والشدةِ والفظاظة: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (٣)، وما كان الرفقُ في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه.

حادي عشر: والدعوةُ تكون بحقٍّ، وقد تكون بباطل، وكما يوجد دعاةٌ إلى الحقِّ، فثمة دعاةٌ للباطل، فهناك دعاةٌ للملل غير الإسلام، وهناك دعاةٌ لنحلٍ باطلة - وإن انتسب أصحابها إلى الإسلام - وهناك منافقون يتسترون بالإسلام، ويخفون الكفر والإلحاد، وهناك مبتدعة تختلف مشاربُهم وتلتقي أهدافهم لمحاربة الإسلام والسنة، وخاب وخسر من كان في منظومة الدعاة على أبواب جهنم، والمصيبة حين ينشط هؤلاء المبطلون، ويُصاب أهلُ الحق والسُّنَّةِ بالضعف أو الهوان، أو يدعم أولئك، ويُضَيِّقُ على هؤلاء.

ثاني عشر: والتميزُ بين أصحاب الحقِّ والباطل قديم في الأمم، وفي «صحيح مسلم» عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من نبيٍّ بعثه الله في أمةٍ قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلُفُ من بعدهم خلوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم


(١) سورة الأنعام، الآية: ٩٠.
(٢) سورة النحل، الآية: ١٢٥.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>