المخلصُ في رسالته التعليمية، والمدركُ لدوره التربوي، والمنصفُ لطلابه، والمتأدبُ الخلوق مع زملائه، هو أحدُ الدعاةِ إلى الله - وإن لم يتَسَمَّ بذلك فلا عبرة بالمسميات - ولكنها الوسائل النافعة ورصيد الأخلاقيات. والمرأةُ المحتشمة في لباسها، والهادئةُ في طبعها، وتعاملها، والمبتسمةُ في وجه صويحباتها، والمعرضةُ عن ما لا يعنيها والداعيةُ للخير بسلوكياتها، هذه تعمل عملها، وربما فاق أثرُها حديثًا نظريًا طويلًا. يا أيها المقتدرُ على حاجةٍ من حوائج المسلمين، ولربما كان في قضائك لأحدهم حاجةً أثر في قبول صاحب الحاجة للخير، وانصرافه عن شرٍّ هو واقعٌ فيه، ولربما كانت هذه منك إليه رسالةً وأنت لا تدري، ما لم يكن في تقديم هذه الحاجة محظور.
أيها المسؤول: وأنت في موقع مسؤوليتك مهما صغرت أو كبرت تستطيعُ أن تُقدم الخير، وتدعو إلى دين الله من خلال فرص الخير التي أقدرك الله عليها، وأنت أدري الناسِ بها، لا سيما إذا لم يكن كرسيُّ المسؤولية هدفك، والتعالي على الناس غرورًا لحق بك، والمطامعُ الشخصيةُ هي المحركة لتصرفاتك.
أيها المسلمون: وكم نغفل - في أساليب الدعوةِ إلى دين الله - عن إسعاف مريض، أو نقلِ مصاب، أو إعانة متعطل في البراري أو الطرق السريعة - وقد يكون أحوجَ ما يكون لمساعدتك ووقوفك إلى جانبه - ومواقف المعروف والإحسان تبلغ - أحيانًا - مبلغها، وتؤثر أثرها في الآخرين، وقد نشعر بذلك وقد لا نشعر ... إلى غير ذلكم من وسائل قد لا نقدرها حقَّ قدرها، وقد تبلغ في آثارها مبلغًا عظيمًا، والمهم أن تُقدر كُلَّ موقفٍ، وتحتسب على الله كلَّ حركة، وتخلص النية وتحسن القصد، وتوظف ذلك في الدعوة لدين الله، وقد كان المعلمُ الأول صلى الله عليه وسلم يحتسبُ في نظرته وابتسامته ومزاحه، فضلًا عن جدِّه وأمره ونهيه، ولكم في رسول الله أسوة حسنة.