فالسماءُ مرفوعةٌ بلا عمد، وهي سقف العالم المرفوع، والأرضُ مستقرٌّ ومستودع، وقد ذلَّلها الله وأرساها ليمشي الناسُ في مناكبها، ويستخرجوا خيراتها، والشمسُ والقمرُ سراجان يُزهران، وبهما ضياءُ الكون ونورُه، ولا يتخلف نورُهما إلا لعارضٍ يقدره العليمُ الخبيرُ، والنجومُ مصابيحُ وزينةٌ وأدلة للمسافرين، والجواهرُ والمعادن مخزونة في هذا العالم العجيب، وأنواعُ النباتِ وصنوفُ الحيوان، كل ذلك مسخَّر لبني الإنسان ... كل ذلك ليُستدل به على عظمة الخالق وليُعبد الله وحده لا شريك له ... ولِتُعْمَرَ الأرضُ بذكره وشكره.
أيها المسلمون: وفي مفتاح دار السعادة حديثٌ مطولٌ عن بديع خلق الله في الكون، بسمائِهِ وأرضه ونجومه وأحيائِه، وهو جدير بالقراءة والتأمل.
إخوة الإسلام: بين عشية وضحاها تحولت مساحةٌ قدرها مائةٌ وإحدى وثلاثون ألف كيلومتر مربع شمال غرب تركيا، إلى ساحة لمأساة مفتوحة، تملؤها مشاهدُ الموت والدمار، ويلفها الحزنُ الكئيب، وتعصفُ بها رياحُ الفزعِ والأمطار الحمضية القاتلة، خمسةٌ وأربعون ثانية فقط - من زلزال تركيا المدمّر - كانت كافيةً لوقوع ما يقرب من خمسة وأربعين ألف قتيل وجريح، ومائتي ألف مشرد في العراء، يبحثون عن مأوى، والألمُ يعتصرهم، ومخاوفُ المستقبل تحيط بهم، ورائحة الموتى، وحطامُ المباني، والبحثُ عن أقاربهم، تبثُّ الرعب في قلوبهم، وتزيدهم هلعًا، إنها ثوانٍ تعصف بالحياة والأحياء، وتخلِّف خسائر تقدّر بخمسةٍ وعشرين مليار دولار، وأعظم منها خسائر الأرواح التي لا تعوض.
سبحان الله ... ! في لحظة من الزمن كان من هو أعلى الأرض في أسفلها، ونقص عدد الأحياء، وارتفع مؤشر الأموات، فضلًا عن الرعب والرهبة، وكيف لا يكون ذلك، وقد ذكر أحدُ المراصد الأمريكية أن هذا الزلزال يعادل قوة أربع