أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يبيت قومٌ من هذه الأمةِ على طعام وشراب ولهوٍ، فيصبحون قد مسخوا خنازيرَ، وليخسفن بقبائل فيها، وفي دور فيها حتى يصبحوا فيقولوا: خُسف الليلة ببني فلان، خسف الليلة ببني فلان، وأرسلت عليهم حصباءُ حجارة، كما أرسلت على قوم لوط، وأرسلت عليهم الريح العقيم، فتنسفهم كما نسفت من كان قبلهم بشربهم الخمر، وأكلِهم الربا، ولبسهم الحرير، واتخاذهم القينات، وقطيعتهم الرحم، قال: وذكر خصلة أخرى فنسيتُها (رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم).
الوقفة السادسة: بينا يكونُ المرء فيها مُخبرًا، وإذا به خبرٌ من الأخبار، وسبحان الله كم بين الحياة والممات؟ ما هي إلا عددٌ من الثواني، وإذا بصفحة الحياةِ كلِّها تطوى، وينتقل المرء من حالٍ إلى حال، ومن دارٍ إلى أخرى. تاركًا وراءه نوايا وإرادات وهمومًا وأعمالًا عاجلة الأجل دون إتمامها. وهنا يرد السؤال: حين ينام المرءُ ماذا يبيِّت من النوايا وهو قد لا يصبح، وحين يستقل سيارته مسافرًا ماذا ينوي وهو قد لا يعود من سفره، ولقد أدرك الناسُ أن زلزال تركيا وقع في الهزيع الأخير من الليل وما من شكٍّ أن عددًا ممن قبضت أرواحهم في الحدث كانوا ركعًا لله سجدًا، وعددٌ أكبر كانوا يقضون الليل بسهرات صاخبة بأنواع من المعاصي والسلوكيات المنحرفة، وعددٌ يؤمنون بيوم المعاد، وعددٌ آخر يظنون الحياة الدنيا نهاية المطاف ... وهكذا: همومٌ ونوايا ... قد يهلك أصحابها جميعًا بحدثٍ عام، ولكنهم يبعثون على نياتهم يوم القيامة.
الوقفة السابعة: والسعيدُ من وُعظ بغيره، وكم ننشغل بأحداث الآخرين وننسى أنفسنا، والله يمهل ولا يهمل، وقد يبتلي قومًا بالضراء ويبتلي غيرهم بالسراء، وقد تكون النازلةُ في بلد من بلدان المسلمين نذيرًا لهم ولمن وراءهم