من المسلمين، والسعيدُ من وُعِظَ بغيره، والمسكين من خدعه الأمل، وغرّه طولُ الأجل، وفي القرآن عمومًا تذكيرٌ مستمرٌّ لنا بمن أصبحوا في ديارهم جاثمين، وبمن أصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم، وبالقرية الآمنة المطمئنة يأتيها رزقُها رغدًا من كل مكان، فكفرت بأنعم الله، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون، فهل نتعظ بمن مضى ومن لحق .. ؟
الوقفة الثامنة: ولا تعارض بين قدر الله ومعرفة العلماء بالحدث أو تحليل أسبابه، فقد تقع الزلازلُ في أرض يفسر أهلُ الاختصاص جيولوجيًا سبب وقوعه، وقد يقع الكسوفُ أو الخسوف وفق حسابات يعلمها الفلكيون بالحساب ... لكنَّ أحدًا من البشر لا يستطيع أن يقدم موعد الزلازل أو يؤخرها، أو يختار مكانها، أو يحدد خسائرها، فذلك لله وحده، وكذلك الكسوف والخسوف فعلمُ البشر ينتهي عند حسابه، لكنهم لا يملكون تقديمه أو تأخيره أو اختيارَ مكانه ... وإذا علم هذا فلا ينبغي أن يكون دورُ وسائل الإعلام الإخبارَ عن هذه الحادثات الكونية وتجريدها من بأس الله وقوته، وانحرافِ البشر وعقوبتهم، ولا ينبغي التركيزُ كذلك على التحذير من عمى الأبصار، وإغفال الحديث عن عمى البصيرة - وهو أشد - وهكذا ينبغي أن يتميز الإعلام الإسلامي بطَرْقِ الأحداث جامعًا بين الحقائق العلمية، والسنن الإلهية، وينبغي أن يذكرهم بشدة بأسِ الله وغيرته حين تُنتهك محارمه، وإنه لبالمرصاد، وإنَّ أخْذَه أليم شديد.
الوقفة التاسعة: هزات أرضية تبعث الحياة، وتلك هي نوعٌ آخرُ من هزات الأرض تنبعث لها الحياة، بخلاف الهزات التي تؤدي إلى الوفاة، وهذه الهزة الباعثةُ على الحياة برهان للبعث والنشور، وآيةٌ على قدرة العزيز العليم، وعن هذا النوع من الهزة ودرسها قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا