للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحاج منافعُ الحج التي أخبر عنها المولى بقوله: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} (١).

وإليك - أخي المسلم، أختي المسلمة - شيئًا من مقاصد الحجِّ ومعانيه، ومنها:

١ - مزيدُ الارتباط بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لَدُن إبراهيم عليه السلام حيث بنى البيت، وابنهِ إسماعيل عليه السلام، إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث عظَّم البيت، وأعاد له طهره وتوحيده، وحطَّم الأصنام المحيطة به، ولم يعد للمشركين سلطانٌ عليه، وحي ينزل الحاج في تلك الرحاب الطاهرة يرتبط في ذهنه سِيَرُ الأنبياء ويتجذّر في قلبه الاقتداءُ بهم، والله يقول: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (٢).

٢ - وفي الحج تحقيقٌ للعبوديةِ لله وإذعانٌ لشرعه، فلا ترى الحاجَّ إلا متذللًا خاضعًا لله، منكسرًا بين يديه، متجردًا من ملابسه، مسافرًا عن أهله وبلدِه، تاركًا شهواته وملاذه لله ربِّ العالمين، وتراه في الحج يتنقل من عبادةٍ إلى أخرى، تلبيةٍ وذكرٍ وصلاةٍ، ودعاء، طوافٍ ... وسعي، رمي وحلق وهدي ... وهكذا تتحقق العبوديةُ للحاج بأوفى صورها وأتمِّ معانيها، وحريٌّ بهذه العبودية لله أن تستمر في سلوكيات المسلم بعد الحج، وحريٌّ بهذه الطاعة لله والاستسلام لشرعه أن تدوم في مكة أو سواها من بلاد الله.

٣ - ويتذكرُ الحاجُ الفطنِ بأعمالِ الحج ومناسكه الموتَ والآخرة، ألا تراه يلبس ما يُشبه الأكفانَ حين يُحرم، متجردًا عن زينةِ الدنيا، متخففًا من كلِّ لباس عدا إزارٍ ورداءٍ يلفُّ بهما جسدَه، ويستر بهما عورتَه، لا فرق في ذلك بين الغني والفقير، والملكِ والمملوك، والصغير والكبير ... وإذا كان هذا التجردُ من الدنيا وزينتها بوابةَ الآخرة، فالحاج كذلك يتذكر الآخرةَ وجمعَها، حين يجتمعُ


(١) سورة الحج، الآية: ٢٨.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>