ويقوي العزائم على استثمار الوقتِ بعد الحج فيما ينفع به نفسه، وتستفيد الأمةُ المسلمةُ من ورائه.
٩ - أيها الحاج: أما مغفرةُ الذنوب، ورفعةُ الدرجات في الجنان فذاك الذي أخبر عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله:«من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمُّه» رواه البخاري ومسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم:«العُمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما، والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة». رواه مسلم.
يا عبدَ الله: وإذا كان لك ماضٍ تستحي من ذكره، وتخافُ الله من حسابك، فاستغفر الله وتب إليه بالحج، فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه حين جاء مسلمًا مشترطًا أن يُغفر له:«وإن الحجَّ يهدم ما كان قبله» رواه مسلم.
١٠ - أيها الحاج: وفي الحج تنبعث عبوديةُ الشكرِ لله وتقوى، فالحاجُّ يُبصر الشيخ الضعيف، والفقير والمسكين، ومن يفترشون الأرض ويلتحفون السماءَ، يبصر الأعرج والأعمى، والمريض والمبتلى والمعاقين والزَّمني ... وأصنافًا من خلق الله حلَّ بهم ما هو منه سالمٌ معافى، فيدعوه ذلك لشكرِ أنعمِ الله عليه، ويتذكرُ ما هو فيه من نعمةٍ قد لا تتوفر عند غيره، فيقيدُ هذه النعمِ بالشكر، ويلهجُ لسانُه وقلبه بالذكرِ والشكرِ، بل وفوق ذلك كلِّه يتذكر نعمة الإسلام التي هو فيها، والأمم والشعوب التي حُرِمتها فيزيد شكره وتمسكه بدينه، ويعودُ من رحلة الحجّ مستمسكًا بالدين الحق، داعيًا غيره ممن لم يتذوق نعمة الإيمان واليقين.
حجاج بيت الله: ولا يليق بالمسلم أن يحافظ على الواجبات كالصلوات المفروضة في الحج فحسب، فإذا ما عاد تهاون بها، كما لا يليق بالمسلم أن يمتنع عن المحرمات، فإذا ما انتهى من رحلةِ الحجِّ مارسها، بل وأطلق لنفسه العنان فيها.
أيها الحاج: ألا فاتخذوا من ذكر الله وتلاوة كتابه - في الحج - والحرص