للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها المسلمون: والصيام قربةٌ إلى الله في كل زمان، ولا شك أنه في الأزمنة الفاضلة أحبُّ إلى الله وأكثر أجرًا، فمن قدر على صيام شيء من هذه العشرِ فأجرُه على الله ... ومن ضعفت همتُه فلا أقل من صيامِ يوم عرفة لغير الحاج، فقد جاء في فضله أنه: «يُكفر السنة الماضية والسنة القابلة» رواه مسلم.

أيها المسلمُ والمسلمةُ: وإن تيسَّر لك الحجُّ فهو من أعظم الأعمال في هذه العشر، وإن لم يتيسر فاحرص على الأعمال الصالحة بشكل عام كالذكرِ وتلاوة القرآن وكثرة السُّنن - بعد المحافظة على الفرائض - وصلة الأرحام، والصدقة على الفقراء والمحتاجين، والأمرِ بالمعروفِ والدعوةِ للخير وزيارة المرضى، والصلاة على الأموات، وزيارة المقابر، والدعاء للأحياء والأموات ... إلى غير ذلك من قربات يجدر بك أن توليها من العناية في هذه العشر أكثر ممّا توليها في سائر الأيام.

أيها المؤمنون والمؤمنات: عشرُ ذي الحجة غُرةٌ في جبين الدهر، لا تتكرر في العام إلا مرة، فكيف ستكون هممكم للطاعةِ حين تُستثار الهممُ؟ وأين موقع خيلكَ أيها المسلم والمسلمة - للسباق حين تُضمرُ جيادُ الآخرين؟ وما مدى شعورك بقيمةِ الزمن، وتقديرك لمواسم الطاعة؟ هل تشعرُ بالفرح وأنت تنتظرها، وهل تكونُ من العاملين المخلصين حين مجيئها؟

وليس يخفى أن الجهاد في سبيل الله ذروةُ سنام الإسلام، فإن عجزتَ أو لم يُقدَّر لك الجهاد، ففي عمل الصالحات - في هذه العشر - فرصةٌ للتعويض، ووسيلةٌ لبلوغ أجرِ المجاهدين، وقد مرَّ بك أنَّ عمل الصالحات فيها أحبُّ إلى الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع بشيء من ذلك - وإن كان الجهادُ من حيث الجملة أفضلَ مما سواه - لكنَّ عملَ الصالحات في هذه العشر له مزيةٌ وفضل (١).


(١) الفتاوى: ٢٤/ ١٩٨/ ٢٣٦ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>